عبر شبكة محكمة من المفاهيم والغايات والأدوات، والحقوق والواجبات، والدساتير والمؤسسات، والأنظمة والتقاليد .. وكل ما يمكن أن يجسد الفكرة في مناحي الحياة المختلفة، ويجعلها تتغلغل كالنسغ في أوعيتها، ويمنحها سلطة التأثير في الواقع وحماية كلياتها.
- أن تكون الفكرة جامعة أو "معصِّبة (١) "، تعزّز الولاء الجماعي
(١) عني ابن خلدون بإظهار ما للعصبية من دور جوهري في انبعاث الدول، وعلى الرغم من أن كلامه كان في المستوى السياسي للحضارة أو الأمة، فإن استنتاجاته تعين في تفسير الظاهرة الحضارية بالمطلق، ولا يمنع من استخدام مصطلح العصبية ما قد يلابسه من إيحاءات بدوية أو قبَلية قائمة على أواصر الدم والنسب غالبًا، لأن التجربة القبلية واحدة من تطبيقات العصبية المتنوعة .. يعرّف محمد عبده التعصب بأنه: "الرابطة التي شكل الله بها الشعوب، ويقول إن الشعوب تظل بخير ما بقيت قوة الربط بين أفراد الأمة فإن ضعفت تداعى بنيانها للانحلال .. "، نظر: حسين، محمد محمد: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، ١/ ٥٦. فالعصبية هي قوة الربط ودواعي وحدة الجماعة وتماسكها، وهي رابطة معنوية لا مادية فقط، وقد توصل محمد عابد الجابري من خلال تحليل موضوعي لمفهوم العصبية عند ابن خلدون إلى أنها "رابطة معنوية"، قوامها المصلحة المشتركة الدائمة للجماعة، ويقتبس له قوله: "لا معنى لكونه من هؤلاء أو هؤلاء إلا جريان أحكامهم وأحوالهم عليه، وكأنما التحم بهم" (ج٢، ص٤٢٧) "، ينظر: الجابري، محمد عابد: فكر ابن خلدون - العصبية والدولة، ص١٦٨، ص١٧٢.