للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تنهض به القيادات، ولا غنى لحركة عن الرافد الشعبي الذي يثريها بالتنوع الوظيفي ويمدها بالتوازن الداخلي؛ في الطاقات والخبرات والإمكانات، لتحقق الأثر المنشود، وتصنع فرقًا متعدد المستويات في عالم الواقع (١)، وتتوسل الفكرة لبلوغ الانتشار الشعبي بآليات؛ أهمها: القدوة والمحاكاة (٢)، والدعوة أو الترويج الإعلامي، وضمان المصالح الضرورية.

- أن تكون فكرة حية متحققة، أو قابلة للتحقق، في دولة (٣) ونظام اجتماعي متكامل (٤) وأن تكون لها صورتها التشريعية والتنفيذية،


(١) لم تتحول الدعوة الإسلامية إلى دولة إلا بعد الهجرة إلى المدينة، أي بعد ثلاثة عشر عامًا من الدعوة، وفي الزمان والمكان اللذين توافر فيهما الدعم الشعبي للفكرة.
(٢) عظّم توينبي دور القدوة أو الأقلية المبدعة في الفعل الحضاري، ولذلك عوّل على المحاكاة في تحريك العامة وتجنيدهم في المشروع الحضاري، فمهارة الزمّار هي التي تغري أرجل الجمع بالاستجابة إلى الرقص. ينظر: توينبي، أرنولد: مختصر دراسة للتاريخ، ١/ ٤١٢، و"إن المحاكاة هي ضرب من التدريب الاجتماعي"، نفسه، ٢/ ٣.
(٣) كان تحول الدعوة الإسلامية إلى دولة بعد الهجرة إلى المدينة عنصرًا حاسمًا في انطلاقة الحضارة الإسلامية، ولذلك رأى ابن خلدون أن الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك، لما يهيئه من أسباب التمكين والقدرة، أي تمكين الفكرة، والقدرة على تحويلها إلى نظام. ينظر: تاريخ ابن خلدون - المقدمة، ١/ ١٧٤، ١٧٨ - ١٧٩.
(٤) لا يجوز أن تكون الفكرة شعارات نظرية، ولا طموحات مثالية، وإلا تحولت إلى فوضى، لأن رفض الواقع والسعي إلى تغييره يعني امتلاك تصور واضح عن البدائل وخطة واقعية للتغيير، وغياب البدائل هو الذي أسقط الثورة الفرنسية في أعوام رعب دموي لم تتوقف إلا مع نابليون، أو ما عرف بـ"مدونة نابليون" القانونية التي اجتاح بها أوروبة حتى عمّتها كلها وأسست للنظام الاجتماعي الحديث. وفي مزلق انعدام البدائل وضبابية المستقبل سقطت معظم التيارات العربية والإسلامية الإصلاحية المعاصرة!!

<<  <   >  >>