للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفصل بين الفكرة والمصلحة، وتحطيم الرابطة العصبية، وتحويل الفكرة إلى شعارات مجردة ليس لها من الواقع رصيد، فالله - كما يُروى - ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة!! إن الظلم مؤذن بتعطيل الفكرة وإفلاسها الحضاري.

- أن تكون فكرة حية تتمثل في صفوة مختارة أو قيادة مخلصة رشيدة (١)، تجسّد الفكرة في ذاتها، وتحمل أعباءها، وتقدم التضحيات في سبيلها، وتجمع الأمة عليها. ولا تستغني الفكرة عن قيادة أو قدوة تمثلها، لأنها بالقدوة تمتلك وجودها الماديّ المعايَن (٢)، والمعاينة ظرف إيجابي لنشر حالة الإيقان اللازمة لتحويل الفكرة إلى عقيدة، وتحفيز فعل المحاكاة وتنشيط العدوى لتحقيق الاستقطاب لدى فئات متنوعة وأطياف مختلفة من الأمة.

- أن تكون فكرة حية في أمّة أو جماعة، فعلى الرغم من خطورة دور النخبة والقادة في الأمة، فإن الحضارة لا تقوم على أفراد، والتغيير يبدأ من القمة ويتحقق على يد القاعدة، والجماهير طاقة مختَزَنة تحتاج إلى شرارة تطلقها، وبوصلة توجّهها وتوظّفها، وهو الدور الذي


(١) ولا يقصد بالقادة "طبقة" متماسكة، بل هم رجال من ذوي ملكات شتى، في السياسة والفكر والعلم والفن .. أو هم أولو الأمر والخبراء في كل شأن ممن يسهمون إسهامًا حاسمًا في توجيه دفة الحضارة. ينظر: مؤنس، حسين: الحضارة، ص١١٨. وكثيرة هي المصطلحات التي تنعت هذه الفئة من الناس؛ كالرجل الفعّال، والنخبة، والقدوة، والعباقرة، والعظماء .. وفي القرآن الكريم: الرجل الأمّة، "إن إبراهيم كان أمة" (النحل/١٢٠).
(٢) وُصف صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهم قرآن يمشي!!

<<  <   >  >>