فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدى في الظلماء، حاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ} قال ابن عباس رضي الله عنهما في إحدى الروايتين عنه، وجابر بن عبد الله، والحسن البصري وأبو العالية، وعطاء والضحاك، ومجاهد في إحدى الروايتين عنه: أولو الأمر هم العلماء. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: هم الأمراء. وهي الرواية الأخرى عن ابن عباس. والتحقيق: أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء (١).
إذا كانت هذه منزلتهم وهذه مكانتهم فإن الأمر في طاعتهم ومحبتهم كما قال علي رضي الله عنه: ومحبة العالم دين يدان بها.
وكثير من جهلة الناس اليوم يثنون أبناءهم عن دراسة العلوم الشرعية وأنها لا فائدة منها، وما علموا أنها أساس الفلاح والصلاح! ! ولو رأوا حال أصحاب العلوم الأخرى لما فعلوا. فهذا الوزير، وذاك القائد، وكأن على رؤوسهم الطير إذا دخل في المجلس عالم. فالناس تتجه له وتسأله وتنسى الوزير والكبير. أليس كذلك؟ ! !
قال سهل التستري: الناس كلهم موتى إلا العلماء، والعلماء كلهم سكارى إلا العاملون بالعلم، والعاملون مغرورون إلا المخلصون، والمخلصون على خطر.
قال الإمام الآجري: فما ظنكم -رحمكم الله- بطريق فيه آفات