للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السائبة، بل ربما كانت الأنعام أخبر بمصالحها منه. ونسيان الإنسان لربه بمعنى إعراضه عن دينه وتركه لتعلم شرعه وأوامره.

واستمع إلى الإمام ابن القيم وهو يبين لك حال الجاهل فيقول: العلم حياة ونور، والجهل موت وظلمة، والإنسان إنما يتميز عن غيره من الحيوانات بفضيلة العلم والبيان، وإلا فغيره من الدواب والسباع أكثر أكلاً منه وأقوى بطشاً، وإنما ميز على الحيوانات بعلمه، فإذا عدم العلم بقي معه القدر المشترك بينه وبين سائر الدواب وهي الحيوانية المحضة فلا يبقى فيه فضل عليهم. والمقصود أن الإنسان إذا لم يكن له علم بما يصلحه في معاشه ومعاده كان الحيوان البهيم خيراً منه لسلامته في المعاد مما يهلكه دون الإنسان الجاهل.

ورحم الله من قال:

فليجتهد رجل في العلم يطلبه ... كيلا يكون شبيه الشاء والبقر

قال عمر بن الخطاب: إن الرجل ليخرج من منزله وعليه من الذنوب مثل جبال تهامة، فإذا سمع العالم خاف، واسترجع عن ذنوبه، وانصرف إلى منزله وليس عليه ذنب. فلا تفارقوا مجالس العلماء؛ فإن الله عز وجل لم يخلف على وجه الأرض تربة أكرم من مجالس العلماء (١).

قال الإمام أحمد: الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام

والشراب؛ وذلك لأن الرجل قد يحتاج إلى الطعام والشراب مرة أو


(١) الإحياء ١/ ٤١٣.

<<  <   >  >>