للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حضرت الصلاة وهو يرى الماء: قال؟ فجعل مالك يكرر: لا يدخل الجنب المسجد، فلما أكثر عليه قال له مالك: فما تقول أنت في هذا؟ قال: يتيمم ويدخل فيأخذ الماء من المسجد ويخرج ويغتسل. قال: من أين أنت؟ قال: من أهل هذه ـ وجعل يشير إلى الأرض ـ ثم نهض، قالوا: هذا محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، فقال مالك: محمد بن الحسن كيف يكذب وقد ذكر أنه من أهل المدينة؟ قالوا: إنما قال: من أهل هذه وأشار إلى الأرض، قال: هذا أشد علي من ذاك.

ويتحدث ابن الجوزي عن نفسه فيقول: إن أكثر الإنعام علي لم يكن بكسبي، وإنما هو من تدبير اللطيف بي، فإني أذكر نفسي ولي همة عالية، وأنا في المكتب، ولي نحو من ست سنين، وأنا قرين الصبيان الكبار، قد رزقت عقلاً وافراً في الصغر يزيد على عقل الشيوخ، فما أذكر أني لعبت في طريق مع صبي قط، ولا ضحكت ضحكاً جارحاً، حتى أني كنت ولي سبع سنين أو نحوها أحضر رحبة الجامع، ولا أتخير حلقة مشعبذ، بل أطلب المحدث، فيتحدث بالسند الطويل، فأحفظ جميع ما أسمع، وأرجع إلى البيت، فأكتبه (١).

وكان الأوائل يحرصون أن يكون لأبنائهم مربون ومؤدبون، ويوصونهم بالحرص والاهتمام بفلذات أكبادهم، فقد أوصى عتبة بن أبي سفيان مؤدب ولده بقوله: علمه كتاب الله، وروه من الحديث أشرفه ومن الشعر أعفه.


(١) لفتة الكبد في نصيحة الولد ص ٤٩.

<<  <   >  >>