للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو شهاب الحناط: بعثت أخت سفيان الثوري معي بجراب فيه طعام إلى سفيان، وكان سفيان آنذاك بمكة، فلما قدمت مكة سألت عن مكانه فدلوني عليه فأتيته وكان لي صديقاً، فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يهش في وجهي كالمعتاد، فقلت له: إن أختك قد بعثت إليك بجراب من الطعام، فاستوى سفيان جالساً وقال: عجل به، فلما أكل قلت له: يا أبا عبد الله، أتيتك فسلمت عليك فلم تهش في وجهي وأنا صديقك، ولما أخبرتك أن أختك قد بعثت إليك جراب طعام استويت وكلمتني وأقبلت علي، فقال سفيان: لا تلمني يا أبا شهاب، فإن لي ثلاثة أيام لم أذق فيها طعاماً، قال أبو شهاب: فعذرته (١).

أخي الحبيب: أين نحن من هؤلاء؟

قال ابن أبي حاتم الرازي: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، نهارنا ندور على الشيوخ، وبالليل ننسخ، فأتينا يوماً أنا ورفيق لي شيخاً فقالوا: هو عليل، فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ فمضينا، فلم يزل السمك ثلاثة أيام وكاد ينفني، فأكلناه نياً لم نتفرغ نشويه (٢).

وقال ابن الجوزي في كتابه «صيد الخاطر» مخبراً عن حاله في أيام


(١) الطبقات الكبرى ٦/ ٣٧٢.
(٢) تذكرة الحفاظ ١/ ٣١٤.

<<  <   >  >>