فقالا:«والله ما ندري بماذا نجيب». فعادت إلى البكاء مع النشيج والنحيب، وقد تقطعت نياط قلبها حزنًا وألمًا ثم التفتت إلى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلة: «والله، لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدًا والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم أني بريئة لأقولن ما لم يكن، ولئن أنكرت ما يقولون لا يصدقوني، إنما أقول كما قال أبو يوسف (يعقوب - عليه السلام -)«فصبر جميل والله المستعان على ما يصفون»، ثم عاد السكون يلف المكان بردائه الشامل، وشعر رسول الله بأن الوحي يكاد ينزل عليه فسجى في ثوبه وأتته عائشة بوسادة من أدم وضعتها تحت رأسه وفزع الجميع إلا عائشة الطاهرة البرئية.
وحين استفاق -عليه الصلاة والسلام- من غشية الوحي وهو يتصبب عرقًا كالجمان قال:«أبشري يا عائشة قد أنزل الله براءتك ... ! » فصاحت والفرحة تغمر قلبها: «الحمد الله» ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا