أسرعت «عائشة» الطفلة الفتاة إلى بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهشَّ لها وحياها، ثم قدمت له وعاء التمر الذي أرسلت به وقالت له ما علمها أبوها ثم عادت ثانية إلى والدها فسألها:
«ماذا قال يا بنية؟ أجابت: قال: نعم وعلى بركة الله»، لقد ذهبت «عائشة» إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفيذًا لأمر أبيها وهي لا تدري من أمر هذه الزيارة شيئًا ولا الغاية منها، إذ كانت صغيرة في السن، ولا تدرك معها منطويات هذه الأمور وأهداف هذه التحركات وأبعادها ومراميها.
لقد ارتاحت نفس الصديق - رضي الله عنه - غاية الراحة وسر غاية السرور لجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخطبت عائشة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي بنت سبع سنين (على أصح الروايات) وبقي أمر هذه الخطبة مكتومًا لا يعلم به أحد سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وزوجته أم رومان وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير التردد على أبي بكر فيوصي بعائشة خيرًا؛ إذ كانت طفلة صغيرة لا تفقه من شئون الحياة إلا القليل وكانت مثل صديقاتها في سنها تقضي معظم أوقاتها لاهية لاعبة تأخذ دميتها في حجرها فتسرح لها شعرها أو تلبسها خرقًا تسميها ثيابًا أو تهدهدها لتغفو.
لقد وثقت هذه الخطبة أواصر المحبة والصداقة بين
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصديقه الحميم أبي بكر - رضي الله عنه - وزادتها متانة وقوة.