أو يبدي ضجرًا أو اشمئزازًا ولكنه كان يرعاها رعاية الأب الحنون أو الوالد العطوف كيف لا؟ وهو نبي الرحمة وهو الذي يقول:«استوصوا بالنساء خيرًا»، وفي ذات يوم دخل الدار فرأى عائشة - رضي الله عنها - قد غلبها النوم والشاة تأكل الخبز الذي أعدته فتبسم من ذلك ثم أيقظها برفق وواساها حين أبدت ندمها وحزنها على ما فرطت وأهملت، لقد كان - عليه الصلاة والسلام - معلمًا عظيمًا وأبًا كريمًا وزوجًا وفيًا ..
وبهذه الصفات التي حلاه ربه بها، والمبادئ التي بشر بها انتصر على الجهل فأيقظ العقول، وحطم الأوثان، وقضى على الشرك فمحا من القلوب ما ران عليها من أدران العبودية لغير الله تعالى.
[الزوجة الوفية]
كبرت عائشة - رضي الله عنها - ونضجت واستوت عقلاً وفهمًا وإدراكًا فكانت سيدة بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترعى شئونه وتدبر أموره وتواسيه حين تجب المواساة وتطيعه في توجيهاته وتحفظ عنه الكثير من أقواله وتتأسى بأفعاله وتقوم بأمور بيت الزوجية خير قيام، وعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها ذلك الفضل فكانت أحب نسائه إليه، وعرف فيها الذكاء والوفاء والوعي والفهم.
لكن عائشة - رضي الله عنها - لم تكن لتفارقها طباع النساء من غيرةٍ، فقد حدث مرة أن خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إحدى الغزوات واصطحب معه من نسائه عائشة وحفصة وفي الطريق رأت حفصة كثرة اقتراب النبي - صلى الله عليه وسلم - من هودج عائشة يكلمها ويحدثها فخطر لها خاطر، فما أن ابتعد النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هودج عائشة