يبني المجتمع المدني على أسس جديدة فيها الثورة على كل الأعراف الجاهلية وقيمها الزائفة، أراد أن يبني المجتمع على قاعدة صلبة في الإخاء الإنساني في الله، بحيث تكون بشرية الإنسان والفرد وتقواه مع الله هي مؤهلاته فقط .. لا ماله ولا حسبه ولا نسبه ولا سلطانه.
بدأت الأخوة في الله تأخذ سبيلها وتمضي نحو غايتها، ويروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لزينب بنت عمته:«إني أريد أن تتزوجي من زيد بن حارثة» وفاجأها الطلب وهز كيانها كله.
فقالت: يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش فقال - عليه الصلاة والسلام -: «أما أنا فقد رضيته لك».
وكان القول الفصل فما دام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي ارتضى زيدًا لزينب فمعنى ذلك حكمة ما بعدها حكمة، وتم زواج المولى زيد بن حارثة من الفتاة القرشية ذات الحسب والنسب (زينب بنت جحش)، ولم يعد هناك من فرق بين الزوجين؛ لأن الإسلام سوى بينهما فأكرمهما عند الله اتقاهما.
[حتى كان المفترق]
جاء ذات يوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دار زيد يسأل عنه لحاجة يريدها فلما علمت زينب بمقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرجت مسرعة، وأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدم وجود زيد ثم دعته إلى الدخول فأبى -عليه الصلاة والسلام- رغم إلحاحها ثم غض بصره وأدار ظهره، وتمتم ببعض كلمات لم تسمعها زينب ولم تفهمها سوى أنها سمعته يقول:«سبحان الله سبحان مصرف القلوب».