عليه ثوبًا وقالت لبرة بنت نافع: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان من أهل رحمها وأيتامها حتى بقيت بقية تحت الثوب فقالت لها برة: يا أم المؤمنين غفر الله لك والله لقد كان لنا في هذا حق، فقالت: لكم ما تحت الثوب، قالت برة: فوجدنا تحته خمسة وثمانين درهمًا ثم رفعت زينب يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا.
ويروى أن عطاءها بلغ اثني عشر ألف درهم، لم تأخذ إلا في عامها هذا وفرقته على اليتامي والمساكين والمحتاجين، لقد كانت جميع زوجاته - صلى الله عليه وسلم - حريصات على البر بالمساكين والمحتاجين ولا يدخرن وسعًا في الإنفاق والبذل راجيات من الرب الكريم أن يتقبل صدقاتهن أحسن القبول.
[المتصدقة بالأكفان]
ولما حضرتها الوفاة في العام العشرين من الهجرة وكانت قد بلغت الثالثة والخمسين من عمرها أرسل لها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بخمسة أثواب من الخزائن يتخيرها ثوبًا ثوبًا، فكفنت فيها وتصدقت أختها (حمنة) عنها كما أوصيت بكفنها الذي أعدته لتكفن فيه، وبهذا التصرف تعطي زينب أم المؤمنين - رضي الله عنها - للمؤمنين والمؤمنات من بعدها خير المثل وأعظمه في احتساب ماديات الدنيا كلها عرضًا زائلاً تبتغي به الدار الآخرة التي هي أخلد وأبقى.