للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ذلك مع المعارض.

(تنبيه) كون السماء والأرض (١) كرويتين أو بسيطتين وكونهما متحركتين أو الفلك متحركا والأرض ساكنة أو الأرض متحركة والفلك ساكنا لم يكلفنا الله تعالى باعتقاد شيء من ذلك، فمن مات مؤمنا ولم يخطر بباله شيء من وصفهما بما تقدم لم يسأله الله تعالى عن ذلك أبدا باتفاق العلماء، فالبحث عن أوصاف السماوات والأرضين من الجهة المذكورة جهاد في غير عدو وصرف زمن نفيس في غير فائدة.

سؤال: ما المعراج؟

الجواب: المعراج لغة: السُّلَّم ومنه ليلة المعراج يعني السُّلَّم الذي صعد عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات السبع، والعروج على المعراج من بيت المقدس إلى السماوات (٢) بذاته وروحه عليه الصلاة والسلام من المسجد الأقصى إلى ما شاء الله


(١) قوله: كرويتين إلخ هذا المبحث لم يزل اختلاف العلماء - سنية وغيرهم - فيه قديما وحديثا وكل يقيم أدلته على ذلك، والمسألة كما قال الشيخ ليست من علوم الدين، وعثرنا على كلام لمستكشف كاملي الإيمان سيدي عبد العزيز الدباغ لا بأس بذكره، قال في الإبريز: إن السماء محيطة بالأرض، وكل سماء محيطة بما في جوفها والعرش محيط بالجميع، وقال في موضع آخر منه: إن الجنة والنار خارجتان عن كرة السماوات السبع والأرضين السبع، فأنت تراه يؤخذ من عبارتيه كرويتها، وهو عدل في قوله، فزيادته مقبولة، وكما يؤخذ مما سيذكره الشيخ في مبحث لون السماء عن إياس بن معاوية والقاسم بن أبي برة عند معارضة الرازي
(٢) قوله: بذاته وروحه إلخ، ومن كتاب الإبريز عند تكلمه على حديث "أنزل القرآن على سبعة أحرف" ما نصه: قضية الإسراء والمعراج وبلوغه عليه الصلاة والسلام إلى ما بلغ، ثم رجع في مدة قريبة كل ذلك من عمل الروح حيث أمدت الذات بقوة السريان التي فيها صارت تقدر على ما تقدر عليه الروح، ومن ذلك رؤيته من خلفه كرؤيته من أمامه كما قال - عليه الصلاة والسلام - لأصحابه - رضي الله عنهم -: "أقيموا ركوعكم وسجودكم فإني أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي" فهذا هو سر الحديث وذلك أن من أجزاء الروح السبعة قوة السريان وهي عبارة عن إقدار الله تعالى لها على خرق الأجرام والنفوذ فيها فتخرق الجبال والجلاميد والصخور والجدران وتغوص في ذلك وتذهب فيه حيث شاءت، وإذا سكنت الروح في الذات وأحبتها واصطحبت معها أمدتها بهذه القوة، فتصير الذات تفعل ما تفعله الروح، ومن ذلك واقعة زكريا على نبينا وعليه الصلاة والسلام لما أراده اليهود ففر منهم ودخل في شجرة، فإن روحه أمدت ذاته لمحبتها فيها بالقوة المذكورة، فخرقت ذاته جرم الشجرة ودخلت فيها، ومن ذلك ما يقع للأولياء من دخولهم الأماكن من غير باب ومشيهم الخطوة حتى يضع أحدهم رجلا بالمغرب وأخرى بالمشرق فإن الذات لا تطيق خرق الهواء الذي بين المشرق والمغرب في لحظة؛ لأن الريح تقطع أوصالها وتفتت أعضاءها وتنشف الدم والرطوبات التي فيها ولما أمدتها الروح بالقوة المذكورة وقع منها ما وقع ا. هـ المراد منه فظهر لك أنه نسب الفعل للذات مع الروح التي حصلت منها المساعدة

<<  <   >  >>