(٢) قوله: بذاته وروحه إلخ، ومن كتاب الإبريز عند تكلمه على حديث "أنزل القرآن على سبعة أحرف" ما نصه: قضية الإسراء والمعراج وبلوغه عليه الصلاة والسلام إلى ما بلغ، ثم رجع في مدة قريبة كل ذلك من عمل الروح حيث أمدت الذات بقوة السريان التي فيها صارت تقدر على ما تقدر عليه الروح، ومن ذلك رؤيته من خلفه كرؤيته من أمامه كما قال - عليه الصلاة والسلام - لأصحابه - رضي الله عنهم -: "أقيموا ركوعكم وسجودكم فإني أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي" فهذا هو سر الحديث وذلك أن من أجزاء الروح السبعة قوة السريان وهي عبارة عن إقدار الله تعالى لها على خرق الأجرام والنفوذ فيها فتخرق الجبال والجلاميد والصخور والجدران وتغوص في ذلك وتذهب فيه حيث شاءت، وإذا سكنت الروح في الذات وأحبتها واصطحبت معها أمدتها بهذه القوة، فتصير الذات تفعل ما تفعله الروح، ومن ذلك واقعة زكريا على نبينا وعليه الصلاة والسلام لما أراده اليهود ففر منهم ودخل في شجرة، فإن روحه أمدت ذاته لمحبتها فيها بالقوة المذكورة، فخرقت ذاته جرم الشجرة ودخلت فيها، ومن ذلك ما يقع للأولياء من دخولهم الأماكن من غير باب ومشيهم الخطوة حتى يضع أحدهم رجلا بالمغرب وأخرى بالمشرق فإن الذات لا تطيق خرق الهواء الذي بين المشرق والمغرب في لحظة؛ لأن الريح تقطع أوصالها وتفتت أعضاءها وتنشف الدم والرطوبات التي فيها ولما أمدتها الروح بالقوة المذكورة وقع منها ما وقع ا. هـ المراد منه فظهر لك أنه نسب الفعل للذات مع الروح التي حصلت منها المساعدة