بقي سؤال آخر يتعلق بالآية وهو أن الله تعالى علمه محيط بكل شيء، وقد قال: {وما خلقت الجن والإنس} الآية فمقتضى ذلك أن يكون عالما بأنهم سيعبدونه، وينافي علمه بذلك تخلف العبادة من بعضهم، وأحسن ما أجيب به عن الآية ما قاله أبو العباس التيجاني أيضا أن قوله تعالى: {وما خلقت} الجن الآية خطاب منه تعالى في بساط الحكمة لا في بساط الحقيقة والمشيئة المشار إليها بقوله تعالى: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} فهذا هو الواقع؛ لأن خطاب المشيئة لا يتأتى انتفاؤه بخلاف خطاب الحكمة في بعض الموجودات؛ لأن أمره - تعالى - مسوق إلى المشيئة لا إلى الحكمة، والحكمة سجاف على المشيئة كما قال صاحب الحكم - رضي الله عنه -: إلى المشيئة يستند كل شيء، ولا تستند هي لشيء يعني لا يقال لم شاء الله هذا؟ أو لا علة لاختياره ومشيئته تعالى، فقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس} الآية {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله} خطاب في عالم الحكمة؛ فلذا وقع التخلف وكفر الكثير بالرسل إذ لو كانت عبادتهم وطاعتهم مقررتين في هذه المشيئة ما أمكن تخلفهما، قال تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} وقال تعالى: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين} أي بأن السعادة بيدي دون خلقي ا. هـ المراد منه