الآيتين والآثار (١) مقيد بمشيئة الله تعالى، ودليل على ذلك قوله تعالى:
(١) قوله: مقيد إلخ، ولو توفرت شروط الإجابة؛ ولذا تخلف في بعض الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في بعض دعواتهم وذلك معروف عند العلماء مع أنهم أولى من توفرت فيه شروط الإجابة؛ لأنهم صفوة الله من خلقه كما أنه من المعلوم عندهم أن حصول بعض الأشياء قد يكون الدعاء لحصوله جزء سبب أو أسباب أخرى يتوقف حصوله عليها كحصول الولد مثلا، فالاكتفاء في طلب حصوله على الدعاء فقط بدون زواج لا يحصل المطلوب، بل يعد عبثا على حسب عادة الله في كثير من الأشياء في هذه الدار، وبهذا يندفع ما قيل: إن وجه البسيطة لا يخلو من مئات الملايين من المسلمين في كل آن ومكان ومن البعيد انعدام من تتوفر فيه شروط الإجابة من بينهم مع أنهم لا يفترون عن الدعاء لتقوية شوكة أهل هذا الدين، وإضعاف شوكة من عداهم من الملحدين، ومع ذلك لم تنجح دعوة واحد منهم في حصول هذا المطلوب، ومحصل الجواب عن ذلك أن حصول هذا الأمر العظيم علقه الله على أشياء أخرى غير الدعاء لا بد من حصولها معه حتى يحصل، وهي معلومة عند ذوي العقول السليمة فإنه لما استعملها مع الدعاء من رفع الله على يديه منار هذا الدين ممن مضى من سلف الأمة سمعت كيف أزالوا عن أهله كل كربة وغمة، وما بقي بأيدينا إنما هو من آثارهم والأنقاض التي تعيشوا فيها إنما هي من بقية أحجارهم وزيادة عما أدركوا من الملك الباذخ، والعز الشامخ {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} فمن أراد أن يعد من رجالهم فلينسج على منوالهم، وليفعل كأفعالهم، ذلك ما اقتضته حكمته وأبرزته قدرته في هذه الدار محل الابتلاء والاختبار؛ ليؤهل هؤلاء إلى الجنة، وهؤلاء إلى النار قال تعالى: {ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض} بل لو أراد غير الله ما تأخر أحد عن الطاعة، ولا اعتدى {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}