للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتوكل، ومن الحول والقوة أتبرأ، إني مسلم ومصدق بما يقتضيه ظاهر الحديثين، ولا نحتاج إلى تأويل يقبله العقل، حيث إني قررت في النبذة أن كل ما لا يمكن الاطلاع عليه مما غاب عنا وليس للعقل فيه مطمع - مرجعه النقل، ولا يتأتى لي أن أدعي أن ما هو ذات صفة، فنحتاج إلى تكذيب الجماعة كلهم سلفا وخلفا (١)

فيما رواه في كيفية الوسوسة، ونرتكب جريمة الكذب ثلاث مرات: كون الذات صفة، وتكذيب العدول، ورد الأحاديث الواردة في ذلك، وتكذيب الناقلين لها بدون مستند للرد، بل بمجرد الهوى ليطابق معتقد الضالين الزائغين من أن الملائكة والجن والشياطين قوى كقوة المغناطيس، وعليه فلا يتأتى أن يكون لها خراطيم ... إلخ، ولقد أخطأ الشيخ محمد عبده مرات فيما كتبه في هذا الموضوع خطأ ينزه عنه من تعاطى مبادئ العلوم ولم يغص في تيارها، وهو لم يكن متميزا


(١) قوله (فيما رووه ... ) إلخ، نعم قال القرطبي: وسوسته هي الدعاء إلى طاعته بكلام خفي يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع صوت. وفي الخازن: إن الشيطان أعطاه الله قوة في إلقاء الوسوسة بالشر في قلب ابن آدم. ونحوه عن الحسن في وسوسته لآدم: أنه كان يوسوس من الأرض إلى السماء وإلى الجنة بالقوة التي جعلها الله له، كما في الرازي. ولهذا نظائر كثيرة في تمكين أوليائه وإعطائهم هذا التمكين الباطني من الأشياء. وجعل مثله عند أعدائه من الشياطين ابتلاء لعباده - لا بعد فيه، فتحصل أن في كيفية الوسوسة قولان، ذهب لكل منهما بعض أهل التحقيق الموثوق بديانتهم، واتفقوا على وجود الشيطان بلا تأويل؛ لأن ذلك مصادمة للكتاب والسنة والإجماع، وأما المخالفون فداء الضلال فيهم عياء.

<<  <   >  >>