قال ابن حجر: نقل ابن عبد البر الاتفاق على إباحة الحداء، وفي كلام بعض الحنابلة إشعار بنقل خلافٍ فيه، ومانعه محجوج بالأحاديث الصحيحة، ويلتحق بالحداء هنا الحجيج المشتمل على التشوق إلى الحج بذكر الكعبة وغيرها من المشاهد، ونظيره ما يحرض أهل الجهاد على القتال، ومنه غناء المرأة لتسكين الولد في المهد. ا-هـ وقال أيضاً: وأخرج الطبري من طريق ابن جريج قال: سألت عطاء عن الحداء والشعر والغناء فقال: " لا بأس به ما لم يكن فحشا". وقال ابن بطال: ما كان في الشعر والرجز ذكر الله تعالى وتعظيم له ووحدانيته وإيثار طاعته والاستسلام له فهو حسن مرغب فيه، وهو المراد في الحديث بأنه حكمة، وما كان كذبا وفحشا فهو مذموم. والأدلة فى ذلك كثيرة عن النبى (- صلى الله عليه وسلم -) والصحابة والتابعين، منها ما أخرجه أحمد وابن أبي شيبة والترمذي وصححه من حديث جابر بن سمرة قال:"كان أصحاب رسول - صلى الله عليه وسلم - يتذاكرون الشعر وحديث الجاهلية عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا ينهاهم. وربما يتبسم"، أما الروايات التى جاءت فى ذم الشعر على الإطلاق قال ابن حجر عنها أنها واهية.
من فوائد الحديث:
١ - استحباب الحداء في الأسفار، لتنشيط النفوس والدواب على قطع الطريق واشتغالها بسماعه عن الإحساس بألم السير.
٢ - مشروعية المواساة والتعزى، كما فعل النبى (- صلى الله عليه وسلم -) لما رأى سلمة مهموما بما سمع من موت عمه.
٣ - الكذب يطلق على ما يخالف الواقع عمداً كان أو خطأ.
٤ - وفيه معجزة من معجزات النبى (- صلى الله عليه وسلم -) حيث قال رحمه الله، وفى رواية قال رجلٌ " وجبت يا رسول الله" وقال أبو عمر كانوا قد عرفوا أنه إذا استغفر لأحد عند الوقعة وفي المشاهد يستشهد البتة
٥ - لا يؤخذ بالظاهر، وإنما للأمور بواطن فقد قالوا:" حبط عمله " فقال النبى (- صلى الله عليه وسلم -)"كذبوا "