للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الجوزى معلقاً على الحديث (١):

وفي هذا تنبيه على ألا يودع العلم عند غير أهله ولا يحدَّث القليل الفهم بما لا يحتمله فهمه

ومن هذا المعنى قال الشافعي:

أأنثر دراً بين سارحة النعم أأنظم منثورا لراعية الغنمْ

لئن سلم الله الكريم بفضله وصادفتُ أهلا للعلوم وللحكمْ

بثثت مفيداً واستفدت ودادَهم وإلا فمخزونٌ لدي ومكتتمْ

ومن منح الجهالَ علماً أضاعه ومن منع المستوجبين فقد ظلمْ.

وقال ابن المقفع فى الأدب (٢): " اخزن عقلك وكلامك إلا عند إصابة الموضع. فإنه ليس في كل حِين يحسنُ كلُ صواب، وإنما تمام إصابة الرأي والقول بإصابة الموضع. فإن أخطأك ذلك أَدخلتَ المحنة على عقلك وقولك، حتى تأتي به إن أتيت به في غير موضعه وهو لا بهاء ولا طلاوة له ".

عاشراً: أن لا تتكلم إلا بما علمت وعقلت وفهمت، لئلا تقع فى الكذب على الله ورسوله.

قال - صلى الله عليه وسلم -:" من يقل علىَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ".

وفى حديث أنس السابق قال عمر - رضي الله عنه - فى خطبته: " فإني قائل لكم مقالة قد قُدِّر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب عليَّ ... الحديث " ففى هذين الحديثين تهويل للقول بغير علم، فإنه محرم.

وقال الإمام مالك لابن وهب: " اتق الله واقتصر على علمك فإنه لم يقتصر أحدٌ على علمه إلا نفع وانتفع ".

وقال سعيد بن جبير: " قد أحسن من انتهى إلى ماسمع "

الحادى عشر: قلة الكلام.

وكان الإمام مالك يكره كثرة الكلام ويعيبه، قال وقد ذُكر الكلام ومراجعة الناس: " من صنع هذا ذهب بهاؤه "، وقال: " لا يوجد إلا في النساء والضعفاء ".

وكان يقال: " نعم الرجل فلان إلا أنه يتكلم كلام شهر في يوم ".


(١) كشف المشكل، ٤١
(٢) الأدب الكبير والأدب الصغير، ٢٠

<<  <   >  >>