وقد مَنَّ الله علينا بسماع هذه الأحاديث بالسند المتصل إلى الإمام البخارى ثم بسنده إلى النبى (- صلى الله عليه وسلم -) وذلك عن فضيلة الشيخ وحيد عبد السلام بالى - حفظه الله - بدايةً، ثم عن فضيلة الشيخ صلاح عبد الموجود - حفظه الله -
ولما كان المقصدُ من وراء العلم الفهم ثم تطبيق ما تعلمه العبد دون روايته فقط، لذلك لم يكن من المسَلَّم أن نكتفىَ برواية الأحاديث دون فهمٍ منا لما فيها من مسائل قَصَدها الشرعُ، وفى ذلك يقول السيوطى فى التدريب (١): " لا ينبغى للطالب أن يقتصر من الحديث على سماعه دون معرفته وفهمه فيكون قد أتعب نفسه من غير أن يظفر بطائل" ا. هـ
ومن فعل ذلك كان كمن ينبذ الكتاب وراء ظهره.
فأردت أن أقف لنفسى أولاً ولإخوانى بعد ذلك -لمن أراد -مع ما تحتويه هذه الأحاديث من ثمارٍ يانعة، ودررٍ لائحة، فإن الوحى نور، نستضيء به فى دياجير الشبهات والشبه، وأيضاً حتى لا نكون كمن أقام الحجة على نفسه، ثم إذا أقبلنا على الله سبحانه قيل لنا:" فبما كسبت أيديكم ".
وإنما قمت بهذا العمل حفاظاً على مسموعاتى، وما تحملته من أمانة، مرةً بالنظر ومرةً بالترتيب، ومرةً باستخراج الفوائد، وحفزنى على هذا العمل سلفنا - رحمة الله عليهم - واهتمامهم بمروياتهم ومسموعاتهم، وكان آخر ما وقفت عليه ما سطره الحافظ ابن حجر فى جزءٍ لطيف له بعنوان:
" الأحاديث العشرة الاختيارية العشارية الأسانيد " فقال رحمه الله:
" وأما هذه الأحاديث، وإن كان فيها قصور عن مرتبة الصحاح، فقد تحريت فيها جهدي، وانتقيتها من مجموع ما عندي، وبينت علة كل حديث بعقبه، وأوضحت ما فيه للمنتبه " ا. هـ
فقلت ليكن لى فيهم أسوة، وإن لم أبلغ قلامة ظُفر أحدهم، وكان هذا هو الداعى الأول،