حكم من ارتكب محظوراً وهو محرم
روى البخاري ومسلم عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل بالجعرانة وعليه جبة وهو مصفر رأسه ولحيته، فقال: يا رسول الله! أحرمت بعمرة وأنا كما ترى، فقال: اغسل عنك الصفرة، وانزع عنك الجبة، وما كنت صانعاً في حجك فاصنع في عمرتك).
فإذا تطيب المحرم أو لبس أو دهن رأسه أو لحيته جاهلاً بتحريم ذلك أو ناسياً الإحرام فلا فدية عليه، فإن ذكر ما فعله ناسياً أو علم ما فعله جاهلاً لزمه المبادرة بإزالة الطيب واللباس.
فإن شرع في الإزالة وطال زمانها من غير تفريط فلا فدية عليه؛ لأنه معذور، وإن أخر الإزالة مع إمكانها لزمته الفدية، سواء طال الزمان أم لا؛ لأنه متطيب في ذلك الزمان بلا عذر، ولو علم تحريم الطيب وجهل كون الممسوس طيباً فلا فدية عليه.
وإذا حلق الشعر أو قلم الظفر ناسياً لإحرامه أو جاهلاً تحريمه فلا فدية عليه على الأرجح؛ لحديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) رواه ابن ماجة.
والمغمى عليه والمجنون والصبي الذي لا يميز إذا أزالوا في إحرامهم شعراً أو ظفراً فلا فدية، وله أن يحك بدنه إذا حكه، ويحتجم في رأسه وغير رأسه، وإن احتاج أن يحلق شعراً لذلك جاز؛ فإنه قد ثبت في الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في وسط رأسه وهو محرم).
كذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضر وإن تيقن أنه قطع بالغسل.
روى مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه قالت: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسأل عن المحرم: أيحك جسده؟ فقالت: (نعم، فليحكك وليشدد، ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككته).
ويحرم الاكتحال بكحل فيه طيب، وأما الاكتحال بما لا طيب فيه فلا يحرم.
وللمحرم أن يغتسل في الحمام وغيره، وله إزالة الوسخ عن نفسه، وله غسل رأسه بالصابون.
وللمحرم أن يحتجم ويتداوى ولا فدية عليه في شيء من ذلك.
وله أن يستظل سائراً ونازلاً؛ لما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقبة من شعر أن تضرب له بنمرة).
وعن أم الحصين الصحابية رضي الله عنها قالت: (حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة) رواه مسلم.