[الكلام على كون حب علي آية الإيمان وبغضه آية النفاق]
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار)، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح أن هذا الفضل للأنصار يشاركهم فيه من كان مشاركاً في المعنى الذي من أجله حصل لهم ذلك الفضل، وهو نصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وقد ثبت في صحيح مسلم عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)، وهذا جارٍ بالمراد في أعيان الصحابة لبتحقق مشترك الإكرام، لما لهم من حسن الغناء في الدين.
ثم قال: قال صاحب (المفهم): (وأما الحروب الواقعة بينهم، فإن وقع من بعضهم بغض لبعض فذاك من غير هذه الجهة، بل للأمر الطارئ الذي اقتضى المخالفة، ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق، وإنما كان حالهم في ذلك حال المجتهدين في الأحكام: للمصيب أجران، وللمخطئ أجر واحد، والله تعالى أعلم).
وقال الشيخ يحيى بن أبي بكر العامري اليمني في كتابه (الرياض المستطابة) في ترجمة أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: (ونقل السيد الإمام الشريف محمد بن إبراهيم بن المرتضى رضي الله تعالى عنه أن بغض علي إنما كان علامة النفاق في أول الإسلام؛ لأنه كان ثقيلاً على المنافقين؛ ولذلك جاء في الأنصار أن بغضهم علامة النفاق أيضاً، وحبهم وحب علي علامة الإيمان، واستدل على ذلك بأن الخوارج يبغضون علياً ويكفرونه مع الإجماع على أنهم غير منافقين، وإن كان ذنبهم عظيماً، ومروقهم من الإسلام منصوصاً، والباطنية يحبونه مع الإجماع على كفرهم، ثم كذلك الروافض يحبونه مع ضلالتهم وفسوقهم، وعلى كل حال فلا يصدر سب أهل السوابق من الصحابة، وتتبع عوراتهم، والتفتيش عن مثالبهم، عن ذي قلب سليم، ودين مستقيم، نسأل الله العافية والسلامة).