للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من قوله (أَنباء) ومن كسرها صيرها مُبتدأة، وقوله (يغلون علينا) أي يرتفعون في القول علينا ويظلموننا ويُحمِّلوننا ذنب غيرنا، وأصل الغُلُو في اللغة الارتفاع والزيادة، و (إحفاء) يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون معناه الاستقصاء، كأنهم استقصوا علينا ونقضُوا العهد، من قولك (أحفيت شعري) إذا استقصيت أخذه، والمعنى الآخر أن يكون من (أحفيت الدابة) إذا كلفتها ما لا تطيق حتى تحفي، فيكون معناه في البيت انهم ألزمونا ما لا نطيق.

(يَخْلِطُونَ البَريَء مِنَّا بِذِي الذَّنْ ... ب وَلاَ يَنْفَعُ الخَلِيَّ الخَلاَءُ)

(يخلطون) معناه يُسوون ذا الذنب بالذي لا ذنب له، ظلما لنا وإساءة بنا، فهذا عين الجور، والخَلاء - بفتح الخاء - البراءة والترك، ويروى (الخِلاء) بكسر الخاء، وأصل الخلاء في الإبل بمنزلة الحران في الدواب.

(زَعَمُوا أن كُلَّ مَنْ ضَرَبَ العَ ... يْرَ مَوَالٍ لَنَا وَأَنَّ الوَلاَءُ)

قالوا: يريد بالعير الوتد، والمعنى انهم يُلزموننا ذنوب الناس، أي كل من ذرب وتدا لخيمة ألزموا ذنبه، وهذا معروف أن يقال لكل شيء نانئ: عير، فقيل للوتد عير لنتوه، ويقال: أراد انهم يلزموننا ذنب كل من أطبق جفنا على جفن، لأنه يقال للعين، عير، وقيل: إنه أراد بالعير الحمار، أي يلزموننا ذنب كل من ضرب حمارا، وقيل: أراد بالعير كُليبا؛ ويقال لسيد القوم: هو عير القوم، وقيل: عير جبل بالمدينة، أي زعموا أن كل من مشى اليه، وفي الحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم ما بين عير إلى أحد) وقيل: ما بين عير إلى ثور، والأول أصح، لأن ثورا بمكة، وقوله: (وأَنَّا الولاء) أي نحن ولاتهم على هذا، وقيل: معناه أنا أهل الولاء، ثم حذف، وقوله (موال لنا) قيل: يريد بني عمنا، وقيل: هو من النصر، يقال: (فلان مولاي) أي ناصري، فأما مفعولا (زعموا) فإن وما عملت فيه، كما تقول (زعمت أن زيدا مُنطلق)

<<  <   >  >>