ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في العيدين الجاهلين "إن الله قد أبدلكم بهما يومين خيراً منهما"(١).
فيبقى اغتذاء قلبه من هذه الأعمال المبتدعة مانعاً من الإغتذاء أو من كمال الاغتذاء بتلك الأعمال النافعة الشرعية فيفسد عليه حاله من حيث لا يعلم كما يفسد جسد المغتذي بالأغذية الخبيثة من حيث لا يشعر. وبهذا يتبين لك بعض ضرر البدع.
وقال قبل ذلك:
فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته قلّت رغبته في المشروع وانتفاعه به بقدر ما اعتاض من غيره بخلاف من صرف نهمته وهمته إلى المشروع فإنه تعظم محبته له ومنفعته به ويتم دينه ويكمل إسلامه.
ولهذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن حتى ربما يكرهه.
ومن أكثر من السفر إلى زيارة المشاهد ونحوها لا يبقى لحج البيت المحرم في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة.
ومن أد من على أخذ الحكمة والآداب من كلام حكماء فارس والروم لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع.
ومن أد من على قصص الملوك وسيرهم لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الإهتمام ونظائر هذه كثيرة.