للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظنهم أنه نهاهم كما غلط من غلط في ظنه أن "الخيط الأبيض" و"الخيط الأسود" هو الحبل الأبيض والأسود (١).

وقال: وقد يظن الشيء وثم يبين الله الأمر على جليته كما وقع مثل ذلك في أمور كقوله تعالى: (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) (٢) نزلت في الوليد بن عقبة لما استعمله النبي صلى الله عليه وسلم وهمّ أن يغزوهم لما ظن صدقه حتى أنزل الله هذه الآية.

وكذلك في قصة بني أبيرق التي أنزل الله فيها: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً) (٣) وذلك لما جاء قوم تركوا السارق الذي كان يسرق وأخرجوا البريء فظن النبي صلى الله عليه وسلم صدقهم حتى تبين الأمر بعد ذلك (٤).

وقوله صلى الله عليه وسلم: "أنتم أعلم بأمور دنياكم" هل يعني هذا حُرية التصرف في الأمور الدنيوية بلا ضابط ديني؟ أم أنه صلى الله عليه وسلم أحكم لأمته أمور الدنيا والآخرة وربط هذه بهذه وتولى أمر هذه وهذه؟ الجواب على هذا لا غموض فيه فهو حاصل بأدنى نظر في أمره ونهيه وهديه وهدي أصحابه رضوان الله عليهم الذين أعلم الناس به وأحرص الناس على متابعته.


(١) - مجموع الفتاوى ١٨/ ١٢.
(٢) - الحجرات، ٦.
(٣) - النساء/ ١٠٥.
(٤) - مجموع الفتاوى ١٥/ ١٨٧.

<<  <   >  >>