العالم بالأثر الواقع على بعض لشدة اتصالها وائتلافها واتحاد بعضها ببعض. قال: ونقول إن لكل الأشياء الأرضية قوى تفعل أفاعيل عجيبة وإنما نالت تلك القوى من الأجرام السمائية فمن استعمل تلك الأشياء الطبيعية ذوات القوى العجيبة في الغرض الملائم له إلى الفعل رأى تلك الآثار في الشيء الذي أراده. قال: وربما أثر بعض أجزاء العالم في بعض أثار عجيبة بلا حيلة يحتلاها أحد وربما جذب بعض أجزاء العالم بعضا جذبا طبيعياً فيتوحد به وربما عرض من دعاء الداعي وطلب الطالب أمور عجيبة أيضاً بالجهة التي ذكرناها آنفا، وذلك أن يكون دعاؤه يوافق تلك القوى فتنزل إلى هذا العالم وتؤثر آثارا عجيبة، وليس يعجب أن يكون الداعي ربما سمع منه لأنه ليس بغريب من هذا العالم ولا سيما إذا كان الداعي مؤمنا صالحا فإن قال قائل فما تقولون إذا كان صاحب الدعاء شريراً وفعل تلك الأفعال العجيبة قلنا أنه ليس بعجب أن يكون المرء الشرير يدعو ويطلب فيجاب إلى ما دعى وطلب لأن المرء الشرير يستقي من النهر الذي يستقي منه المرء الصالح والنهر لا يميز بينهما بل يسقيهما جميعاً فإن كان هذا هكذا ورأينا المرء شريراً كان أو صالحاً ينال من الشيء المباح لجميع الناس فلا ينبغي أن يعجب من ذلك، فإن قال قائل فالعالم إذن كله سره ينفعل فيعمل بعضه الآثار في بعض قلنا إن العالم الأرضي هو الذي ينفعل، وأما العالم السمائي فإنه يفعل ولا ينفعل. وإنما يفعل في العالم الأرضي أفاعيل طبيعية ليس فيها فعل عرضي لأنه فاعل غير منفعل من فاعل آخر جزئي فأفاعيله كلها طبيعية ليس شئ منها عرضيا، لأنه إن عرض فيها عارض فلا يكون بغاية الإتقان والصواب قال محمد بن
موسى: دخلت على المأمون وعنده جماعة من المنجمين وعنده رجل تنبأ ودعا له القضاة والفقهاء ولم يحضروا بعد ونحن لا