للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعلم فقال لي ولمن حضر من المنجمين: خذوا طالعا لدعوى رجل في شيء يدعيه وعرفوني ما يدل حاله عليه من كذبه في دعواه صدقه. ولم يعلمنا المأمون أنه متنبئ، فأخذنا الطالع واحكمنا فوق الشمس والقمر في دقيقة واحدة مع دقيقة الطالع وسهم السعادة وسهم الغيب في دقيقة الطالع والطالع الجدي والمشتري في السنبلة ينظر إليه وعطارد والزهرة ينظران إليه فقال كل من حضر من القوم كل ما يدعيه صحيح. وأنا ساكت فقال لي المأمون: قل. فقلت: هو في طلب تصحيحه وله به حجة زهرية عطاردية وتصحيح الذي يدعيه لا يتم له ولا ينتظم. فقال لي: من أين؟ قلت: لأن صحة الدعاوى من المشتري والمشتري ينظر إليه نظر موافقة ألا أنه كان لهذا البرج ولا يتم له التصديق والتصحيح والذي قالوا من حجة عطاردية زهرية فإنما هو من جنس الخداع والمنجمون يتعجبون منه. فقال المأمون: أحسنت لله درك أتدري من الرجل؟ قلت: لا. قال: هذا يدعى النبوة. فقلت له: يا أمير المؤمنين معه شيء يحتج به؟ فسأله فقال: نعم معي خاتم ذو فصين البسه فلا يتغير مني شئ ويلبسه غيري فيضحك ولا يتمالك من الضحك حتى ينزعه، ومعي قلم شامي أكتب به ويأخذه غيري فلا ينطلق به يده. فقلت له: هذه الزهرة وعطارد قد عملا عملهما. فأمره المأمون بعمل ما ادعاه فعمله فقلنا: هذا ضرب من الطلمسات. فما زال به المأمون أياما كثيرة يستنزله عن دعواه ويرغبه ويعده بالإحسان حتى أقر بصورة عمله في الخاتم والقلم وتبرأ من دعوى النبوة وأعلمه أنه إنما جعل ذلك سببا للوصول إليه، فوهبه المأمون ألف دينار ووجدناه أعلم الناس بعلم النجوم وهو من أصحاب عبد الله بن السري وهو الذي عمل طلسم الخنافس في دور كثيرة من دور بغداد. قال أبو معشر: نزلت في خان ببعض قرى الري في قافلة ومعنا كاتب من أهل بغداد فلما استقر بنا المجلس أكلنا وأخرجت شرابا كان معي

<<  <   >  >>