للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علاقة السنة بالقرآن]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد: إخوتي الكرام: ما زلنا في شرح كتاب (نقد متون السنة) لشيخنا الفاضل: مسفر بن غرم الله الدميني، وقد تكلمنا عن أهمية السنة، وعلاقة السنة بالقرآن، وكيف أن الله جلا وعلا جند جنوداً لحفظ هذه السنة الغراء، وأن كل الأئمة أنفقوا الغالي والنفيس من أجل حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وبينّا أن السنة والقرآن بينهما علاقة وطيدة، فالسنة مفسرة ومبينة لمجملات القرآن.

فمثلاً: قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة:٤٣]، فكيف نقيم الصلاة؟ وفي أي وقت نقيم الصلاة؟ مع أن القرآن أشار إشارات إلى الوقت التي تقام فيه الصلاة فقال الله: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:٧٨]، فدلوك الشمس وغسق الليل تكون فيه صلاة الظهر إلى العشاء، وقرآن الفجر هو صلاة الفجر، لكن التوقيت كله جاء في السنة.

وكذلك السنة مقيدة لمطلق القرآن، مثلاً: قال الله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:٣٨] فبينت السنة محل قطع اليد.

وكذلك السنة مخصصة لعموم القرآن، فمثلاً قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة:٢٧٥]، فالألف واللام للعموم، فتكون كل البيوع قد أحلها الله وحرم الربا، وجاءت السنة تخصص من هذا العموم بعض البيوع مثل بيوع الغرر، وبيع المرء ما ليس عنده، فهي حرام.

وأيضاً: للسنة أحكام مستقلة، مثل تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، وتحريم الحمر الأهلية، ومثل سنن الوضوء كالاستنشاق والمضمضة، وحرمة الجمع بين المرأة وعمتها, وبين المرأة وخالتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>