المثل الثالث: الذي محصه المحدثون فعرضوه على الكتاب، فوجدوه قد خالف الكتاب من كل وجه فردوه وقالوا: هذا موضوع: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن الخضر يلقى إلياس كل يوم أو كل عام)، ففي الحديث دلالة على حياة الخضر، وقد تمسك بهذا الصوفية، وأن الخضر ما زال إلى الآن حياً، وقال به بعض أهل السنة والجماعة.
فهل فعلاً أن الخضر لا زال حياً أم لا؟ وهل قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[آل عمران:١٨٥]، فيها دلالة على أن الخضر قد مات؟ ليس في الآية دلالة على أن الخضر قد مات، لأنه قد يموت بعد ذلك:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[آل عمران:١٨٥] وعلى هذا فلا نرد هذا الحديث بل نقبله.
ومثلها قوله تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[الزمر:٣٠] والدليل على أن الخضر قد مات قوله تعالى مخاطباً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ}[الأنبياء:٣٤] الآية، فالخضر داخل تحت هذه الآية؛ لأنه قبل النبي صلى الله عليه وسلم، أي: لا بد أن يموت.
ومن أظهر الأدلة على أن الخضر قد مات قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}[آل عمران:٨١]، فيجب على الخضر إن كان حياً أن يبايع النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يناصره، ولكن لم يحدث ذلك، فدل ذلك على موت الخضر.
إذاً: فهذا الحديث من كل وجه يخالف القرآن، فلا بد أن نرده ونقول: إن لم يكن موضوعاً فهو ضعيف لا يؤخذ به؛ لأنه خالف صريح الكتاب.