للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المثال الرابع: حديث: (من أكل مع مغفور)]

المثل الرابع: حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أكل مع مغفور له فقد غفر له).

فلو أن رجلاً نظر إلى رجل صالح ولي من أولياء الله قد ظهرت كرامته، وقلنا: قد غفر له، أو إذا شهد النبي صلى الله عليه وسلم للرجل بأنه مغفور له، فهل الأكل معه يجرك لأن تأخذ حكمه، فتكون مغفوراً لك؟ وإذا نظرنا إلى التقعيد العلمي الذي قعده لنا المحدثون فإننا نجد أن هذا الحديث قد خالف القرآن من كل وجه، وذلك أن الله تعالى يقول: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:٣٨] فالمغفور له هذا بما كسب، وأما الثاني فكيف يكون مغفوراً له وهو لم يعمل، ولم يشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؟ وأيضاً هذا الحديث مصادم لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت:٤٦]، وقوله تعالى: {وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [يس:٥٤]، وقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:٣٩].

وهناك آية صريحة تثبت أن أهل الفساد لن ينفعهم أهل الصلاح، وهي قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم:١٠].

فالمرأة تأكل معه، وتشرب معه، وتنام معه، ومع ذلك هي في النار، فهذا صريح من الله جل في علاه يبين أن كل نفس تؤخذ بما كسبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>