للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى التفريق بين المتلاعنين، فيقولون: إذا كانت تحرم عليه بأن يرميها بالفجور أو بالانتفاء من ولدها حتى يجب عليه بذلك اللعان وتصير محرمة عليه، فالتحريم له في اليقين ألزم وعليه أوكد، وذهب الآخرون بالرخصة إلى أن اللعان هو المحرم لا القذف والنفي، يقولون ألا ترى أنهما على نكاحهما يتوارثان ما لم يلتعنا.

قال أبو عبيد: وبهذا القول نقول: إن عيان الفجور منه لها ليس بطلاق، ولا يفرق بينهما إلا التلاعن، غير أنه يؤمر بطلاقها أمرا ويخاف عليه الإثم في إمساكها، لأن الله تبارك وتعالى إنما اشترط على المؤمنين نكاح المحصنات فقال عز وجل: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ومع هذا أنه لا يأمنها أن توطئ فراشه غيره فتلحق به نسبا ليس منه، فيرث ماله ويطلع على حرمته، فأي ذنب أعظم من هذا؟ أن يكون لها معينا عليه بإمساكها، ولا أحسب الذين ترخصوا في ذلك بعد الفجور إلا لتوبة تظهر منها، كالذي يحدّث به عن ابن عباس مفسّرا وعن عمر.

١٨٧ - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب أنه بلغه عن ابن عباس أنه سئل عن رجل أراد أن ينكح امرأة قد زنى بها، فقال: ليردها على الزنا فإن فعلت فلا ينكحها وإن أبت فلينكحها (١).

١٨٨ - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب (٢): أن رجلا خطبت إليه ابنة له


(١) لم أتمكن من تخريجه.
(٢) طارق بن شهاب: ابن عبد شمس بن هلال بن سلمة بن عوف بن خيثم البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي. قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة، وقال أبو داود: رأى النبي- صلّى الله عليه وسلم- ولم يسمع منه شيئا، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ليست له صحبة، وقال العجلي: وهو ثقة.
مات سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين. (التهذيب ٥/ ٣).