لما وجه الخليفة عثمان بن عفان المصاحف إلى الأمصار بعث جماعة من الصحابة يعلمون الناس القرآن بالتلقين والتلقي، وكانت المصاحف غير منقوطة.
فعلّم الصحابة الناس القراءة التي سمعوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لكل صحابي قراءة تلقاها فعلّمها القوم الذين بعث إليهم من قبل الخليفة عثمان بن عفان.
لذلك نجد قراءة نافع المدني بالمدينة، وقراءة عاصم الكوفي بالكوفة، وقراءة ابن عامر الشامي بالشام، وقراءة ابن كثير الملكي بمكة، وقراءة أبي عمرو البصري بالبصرة.
ولما كان العلماء يرحلون طلبا للعلوم ومنها القراءات، نجد أن قراءات القرآن قد انتشرت في بلدان العالم الإسلامي.
فقرأت مصر منذ الفتح الإسلامي وحتى أواخر القرن الخامس الهجري برواية ورش عن نافع المدني، ثم قرأت بقراءة الإمام أبي عمرو البصري حتى منتصف القرن الثاني عشر الهجري، وهكذا كانت باقي الأمصار.
ويجب أن نعلم أن اختلاف القراءات اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد مثل: تعلّمون وتعلمون- تكذبون وتكذّبون، وهكذا.
ولما كان مصحف عثمان رضي الله عنه غير منقوط، فكان رسمه يحتمل كل القراءات القرآنية ومثال ذلك كله (فتبينوا) من قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: ٦] فرسم هذه الكلمة بغير نقط. (فتبينوا) يحتمل القراءتين: فتبينوا- فتثبتوا.