للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك العرض الموجز تتبين الفرق بين تشبيه القرآن الدقيق المصور وبين تلك التشبيهات الضعيفة العرجاء.

٢ - وأطال القدماء في الموازنة بين قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ (البقرة ١٧٩). وقولهم: «القتل أنفى للقتل». قالوا: وفضله عليه من وجوه:

أولها: أن الآية الكريمة أقل حروفا من كلامهم.

وثانيها: النص على المطلوب وهو ثبوت الحياة، بخلاف قولهم لأنه إنما يدل على المطلوب باللزوم، من جهة أن نفى القتل يستلزم ثبوت الحياة.

وثالثها: أن تنكير حياة يفيد تعظيما لمنعهم عما كانوا عليه من قتل جماعة بواحد.

ورابعها: اطراده، بخلاف قولهم، فإن القتل ينفى القتل إذا كان على وجه القصاص المشروع، وقد يكون أدعى للقتل، كما إذا وقع ظلما، كقتلهم غير القاتل، وظاهر العبارة يحتمل المعنيين بخلاف القصاص.

وخامسها: أن فيه تكريرا غيره أبلغ منه، ومتى كان التكرير كذلك فهو مقصر عن أقصى طبقات البلاغة.

وسادسها: استغناؤه عما ذكره أكثر من حذفه، وهو (من) بعد أفعل التفضيل الواقع خبرا.

وسابعها: أن القصاص سبب للموت الذى هو ضد الحياة، فما في الآية ملحق بالطباق.

وثامنها: سلامة الآية الكريمة من لفظ القتل المشعر بالوحشة، وتاسعها ظهور العدل في كلمة القصاص.

٣ - وتحدث الشعراء عن الصبح، فقال السرى الرفاء:

انظر إلى الليل، كيف تصدعه ... راية صبح مبيضة العذب

كراهب جن للهوى طربا ... فشق جلبابه من الطرب

وقال الشريف الرضى:

وكأنما أولى الصباح وقد بدا ... فوق الطويلع (١) راكب متلثم

وأذاع (٢) بالظلماء فتق (٣) واضح ... كالطعنة النجلاء يتبعها دم

وقال أيضا:

وليلة خضتها على عجل ... وصبحها بالظلام معتصم


(١) هضبة بمكة.
(٢) ذهب.
(٣) صبح.

<<  <   >  >>