إذا بلغ الرأى المشورة فاستعن ... برأى نصيح، أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة ... فإن الخوافى قوة للقوادم
ومنهم من لم ير فيها جمالا، كعبد الملك بن صالح، حين قال:
«ما استشرت أحدا إلا تكبر علىّ وتصاغرت له، ودخلته العزة، ودخلتنى الذلة، فعليك بالاستبداد، فإن صاحبه جليل في العيون، مهيب في الصدور، وإذا افتقرت إلى العقول، حقرتك العيون، فتضعضع شأنك، ورجفت بك أركانك، واستحقرك الصغير، واستخف بك الكبير، وما عز سلطان لم يغنه عقله عن عقول وزرائه وآراء نصحائه». وكلا القطعتين من الأدب.
أما التعبير الإباحى، فليس من الأدب ولا الفن الجميل، لأننا نعنى بالإثارة تلك الإثارة الوجدانية الروحية الخالصة، أما إثارة الغريزة الجنسية فليست من عمل الأدب، ومثل هذا اللون من القول، مثل الصور الخليعة الماجنة، لا يعدان من الفنون الرفيعة.
[علوم البلاغة والنقد الأدبى]
اصطلح الباحثون على عد علوم البلاغة ثلاثة: المعانى والبيان والبديع، يريدون بعلم المعانى ذلك العلم الذى يبحث في أسرار تركيب الجملة، والمعانى التى تفهم من تكوينها على نحو مخصوص، وذلك ما عناه عبد القاهر بمعانى النحو (١)، أى معانى نهج العرب في تكوينهم الجملة، ولذلك وقف بحث هذا العلم عند تأمل الفروق بين الجملة الاسمية والفعلية، وتدبر أحوال المسند والمسند إليه، ومتعلقات الفعل، من ذكر، وحذف، وتقديم، وتأخير، وإيثار معرفة على أخرى، أو صيغة من صيغ الفعل على غيرها، إلى ما سوى ذلك من بحث أسرار الجمال فى نظم الجملة العربية.
أما علم البيان، فموضوعه ذلك التصوير، الذى يهب الفكرة وضوحا وقوة فيزيد تأثيرها في نفس المخاطب، أو القارئ، بالالتجاء إلى الخيال المصور، ومن أجل هذا كان موضوع درسه التشبيه، والاستعارة، والكناية، والمجاز، وهى صور توحى بالتجربة الشعورية أتم إيحاء.
ويتناول علم البديع تلك المحسنات المعنوية حينا، واللفظية حينا آخر، مما يزيد في جمال اللفظ وقوة تأثيره، ووضوح المعنى.