يا أمير المؤمنين، من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه، فقال:
تلك حفصة وعائشة، قال: فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع هيبة لك، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبّرتك به.
قال: ثم قال عمر: والله إن كنّا في الجاهلية ما نعدّ للنساء أمرا، حتى أنزل الله فيهنّ ما أنزل وقسم لهنّ ما قسم، قال: فبينا أنا في أمر أتأمّره إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، قال: فقلت لها: مالك ولما هاهنا، فيما تكلّفك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبا لك يا ابن الخطاب، ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظلّ يومه غضبان.
فقام عمر، فأخذ رداءه مكانه حتى دخل على حفصة فقال لها:
يا بنيّة إنك لتراجعين رسول الله حتى يظلّ يومه غضبان؟
فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه، فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله، وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا بنيّة لا تغرنك هذه التي أعجبها حسنها حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، يريد عائشة.
قال: ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها فكلّمتها، فقالت أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب، دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فأخذتني والله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها، وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوّف ملكا من ملوك غسان، ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدقّ الباب، فقال: افتح افتح، فقلت: جاء الغسّاني؟ فقال: بل أشدّ من ذلك، اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه، فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة،