للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل والخاصة، مع الله ومع عباد الله، مع زوجاته وأولاده وأحفاده، في السوق وفي المسجد، بين الأعراب والأحباب، في سلمه وحربه، أثناء قيادة الجيش، وأثناء المزاح وما إلى هنالك.

ولذلك ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم حياة خاصة، وليس هنالك دوائر حمراء يمنع تجاوزها، أبدا، بل لقد روت نساؤه كل تفصيلات حياته البيتية، وذلك من منظور إلهي: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (١).

وبالتالي فلا غنى للفقه والتشريع عن السنة النبوية، لأنها المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، ورحم الله الإمام الأوزاعي عند ما قال:

الكتاب أحوج إلى السنّة من السنة إلى الكتاب.

ورحم الله أبا حنيفة عند ما قال: آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد في كتاب الله ولا سنّة رسوله أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وابن المسيب، فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا.

ورحم الله الشافعي عند ما قال: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنّة رسول الله، ودعوا ما قلت.

كل هذا مأخوذ من قول الله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢).

لكن هل هذا الكلام يسري على كل الأحاديث النبوية؟!

أبدا، فهناك أحاديث صحيحة وأخرى ضعيفة، وهناك أحاديث


(١) الأحزاب ٢١ وللتوسع يراجع كتاب: القدوة والأسوة في الكتاب والسنة، للمؤلف.
(٢) النور: ٦٣.

<<  <   >  >>