للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما شرف التفسير:

(فلا يخفى، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (١) قال:

المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدّمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله.

وبالتالي أجمع العلماء على أن التفسير من فروض الكفايات، وأجلّ العلوم الثلاثة الشرعية.

قال الأصبهاني: أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن، بيان ذلك أن شرف الصناعة إما بشرف موضوعها مثل الصياغة، فإنها أشرف من الدّباغة، لأن موضوع الصياغة الذهب والفضة، وهما أشرف من موضوع الدباغة الذي هو جلد الميتة.

وإما بشرف غرضها، مثل صناعة الطبّ، فإنها أشرف من صناعة الكناسة، لأن غرض الطب إفادة الصحة، وغرض الكناسة تنظيف المستراح.

وإما لشدة الحاجة إليها كالفقه، فإن الحاجة إليه أشدّ من الحاجة إلى الطب، إذ ما من واقعة في الكون في أحد من الخلق إلا وهي مفتقرة إلى الفقه، لأن به انتظام صلاح أحوال الدنيا والدّين، بخلاف الطب، فإنه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الأوقات.

إذا عرف ذلك، فصناعة التفسير قد حازت الشرف من الجهات الثلاث.

أما من جهة الموضوع: فلأن موضوعه كلام الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة، فيه نبأ ما قبلكم وخبر


(١) البقرة: ٢٦٩

<<  <   >  >>