للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: قوله تعالى (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (١).

والبيان في الآية يتناول بيان معاني القرآن، كما يتناول بيان ألفاظه، وقد بين الرسول ألفاظه كلها، فلا بدّ أن يكون قد بيّن كل معانيه أيضا، وإلا كان مقصرا في البيان الذي كلف به من الله.

ثانيا: ما روي عن أبي عبد الرحمن السلمي (ت: ٧٢ هـ-) أنه قال:

(حدثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن، كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما: أنهم كانوا إذا تعلّموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلّموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا).

ولهذا كانوا يبقون مدة طويلة في حفظ السورة، وقد ذكر الإمام مالك في الموطأ: أن ابن عمر أقام على حفظ البقرة ثماني سنوات، والذي حمل الصحابة على هذا، ما جاء في كتاب الله تعالى من قوله:

(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) (٢) وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن.

وقوله: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٣) وعقل الكلام متضمن لفهمه، ومن المعلوم أن كل كلام يقصد منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، والقرآن أولى بذلك من غيره.

فهذه الآثار تدل على أن الصحابة تعلّموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم معاني القرآن كلها، كما تعلموا ألفاظه.

ثالثا: قالوا إن العادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب


(١) النحل: ٤٤.
(٢) ص: ٢٩.
(٣) يوسف: ٢.

<<  <   >  >>