للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) (١).

قالت: ثم تحوّلت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلّم الله فيّ بأمر يتلى، فو الله ما رام رسول الله، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق، وهو في يوم شات، من ثقل القوم الذي ينزل عليه، قالت: فما سرّي عن رسول الله وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلّم بها: «يا عائشة، أما الله عز وجل فقد برأك».

فقالت أمي: قومي إليه، قالت: فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل، وأنزل الله: (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ... ) العشر الآيات كلها.

فلما أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا، بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢).

قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.

قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: «يا زينب ماذا علمت أو رأيت» فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيرا، قالت: وهي التي كانت


(١) يوسف: ١٨.
(٢) النور: ٢٢.

<<  <   >  >>