في أمر إساءته سعدَ بنَ عبادة سيد الخزرج، فقال سعد: يا رسول الله، اعف عنه، واصفح عنه، فوالذي أَنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أُنزل عليك، وقد اصطلح أهل هذه المدينة على أن يتوجوه، فيُعصِّبوه بالعِصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شَرَق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).
ولما كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - كتاب صلح الحديبية مع كفار قريش كره بعض سفهائهم الصلح مع المسلمين، ونزل ثمانون رجلاً منهم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غِرَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، لكن الله خذلهم وكشف أمرهم فأُخِذوا، واستحياهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أي عفا عنهم، ففي شأن هؤلاء أنزل الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}(الفتح: ٢٤).
وحين دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة فاتحاً مر بشعابها التي عذب فيها أصحابه وقتلوا في سبيل دينهم، والذكريات المؤلمة تتخايل أمام عينيه، ولو تخايلت أمام ناظري ملك أو سوقة لأشعلت