يوماً لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله - صلى الله عليه وسلم -.
فخرجت حتى أمرّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك، فقال:«يا أُنيس، أذهبتَ حيث أمرتك؟» فقلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله (١).
لقد ضحك - صلى الله عليه وسلم -، وأدرك أن خادمه طفل يعرض له ما يعرض لأمثاله من حب اللعب والتشاغل به، فنبهه على تقصيره بيد حانية أمسكتْ بقفاه، وشفعها بابتسامة حانية، تجدد الحب وتلتمس المعاذير.
وأما صيغة النداء مع هذا الصبي المتشاغل باللعب، المتلكئ عن المبادرة والمسارعة لتنفيذ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهي درس آخر من دروس التربية والتوجيه، فقد قال له - صلى الله عليه وسلم - متحبباً:«يا أُنيس»، وتصغير الاسم ضرب من ضروب التحبب والتألف والتودد، وهو خير من قواميس الكلمات النابية التي ننشرها في وجوه أبنائنا وخدمنا وغيرهم ممن يخطئون علينا أو يتلكؤون في تنفيذ أوامرنا التي نظن أنها لا تقبل التلكؤ والتأخير.