للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحكام الإسلام كما تجري على أهل الذمة، ولكن عليهم الكف عن محاربة المسلمين، وهؤلاء يسمون أهل العهد وأهل الصلح وأهل الهدنة" (١).

وأما (المستأمن) فهو من يدخل بلاد المسلمين من أهل بلاد الحرب بأمان لغرض ما، لا على وجه الديمومة، قال النووي: "المستأمن هو الحربي الذي دخل دار الإسلام بأمان" (٢).

وفصّل ابن القيم أقسام المستأمنين الذين يدخلون بلاد المسلمين لغير الاستيطان فهم على " أقسام: رسل وتجار ومستجيرون، وحكم هؤلاء ألا يهاجروا ولا يقتلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية" (٣)، ويندرج في هؤلاء سفراء الدول المعادية ودبلوماسيهم وصحفييهم ومن في حكمهم.

والأصل في الأمان المعطى لهذه الأنواع جميعاً أن يكون من الوالي أو الحاكم المسلم، ولو أعطاه أحد من عامة المسلمين ثبت له، فقد أجارت زينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا العاص بن الربيع , فأمضاه النبي عليه الصلاة والسلام (٤).

كما أمضى - صلى الله عليه وسلم - جوار أم هانىء لأحمائها، فقال لها: «قد أجرنا من أجرتِ يا أم هانىء, إنما يجير على المسلمين أدناهم» (٥).

وعليه فأي مسلم أمَّن حربياً دخل بلاد المسلمين ثبت أمانه - كائناً من كان -، لأن «ذمة المسلمين واحدة, يسعى بها أدناهم, فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين , لا يُقبل منهم صرف ولا عدل» (٦).

ويلحق بالمستأمن من كان له شبهة عهد، أو ادعاه ولم يقدر على إقامة الحجة عليه، فيلحق بالمستأمن احتياطاً لاحتمال صدقه، فالخطأ أولى من الجور، قال محمد بن الحسن الشيباني: "لو خرج من دار الحرب كافر مع مسلم، فادعى المسلمُ أسرَه، وادعى الآخر الأمان؛ فالقول قول الحربي" (٧).

ومثله لو ادعى الحربي الذي دخل بلاد المسلمين أنه رسول، قال ابن قدامة: "إذا دخل حربي دار الإسلام بغير أمان , وادعى أنه رسول قُبِل منه, ولم يجز التعرض له؛


(١) أحكام أهل الذمة (٢/ ٨٧٤).
(٢) تحرير ألفاظ التنبيه، ص (٣٢٥).
(٣) أحكام أهل الذمة (٢/ ٨٧٤).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٥/ ٢٢٤) , والبيهقي في السنن (٩/ ٩٥).
(٥) أخرجه البخاري ح (٦١٥٨) , ومسلم ح (٣٣٦).
(٦) أخرجه البخاري ح (٧٣٠٠) , ومسلم ح (١٣٧٠).
(٧) شرح السير الكبير (٢/ ٥٥١).

<<  <   >  >>