للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الفلاسفة فلا يجمعهم جامع، بل هم أعظم اختلافاً من جميع طوائف المسلمين واليهود والنصارى. والفلسفة التي ذهب إليها الفارابي وابن سينا إنما هي فلسفة المشائين أتباع أرسطو صاحب التعاليم، وبينه وبين سلفه من النزاع والاختلاف ما يطول وصفه، ثم بين أتباعه من الخلاف ما يطول وصفه. وأما سائر طوائف الفلاسفة، فلو حكي اختلافهم في علم الهيئة وحده لكان أعظم من اختلاف كل طائفة من طوائف أهل القبلة، والهيئة علم رياضي حسابي هو من أصح علومهم، فإذا كان هذا اختلافهم فيه فكيف باختلافهم في الطبيعيات أو المنطق؟ فكيف بالإلهيات؟ .

واعتبر هذا بما ذكره أرباب المقالات عنهم في العلوم الرياضية والطبيعية، كما نقله الأشعري عنهم في كتابه في ((مقالات غير الإسلاميين)) .

فكلامهم في العلم الرياضي – الذي هو أصح علومهم العقلية – قد اختلفوا فيه اختلافاً لا يكاد يحصى، ونفس الكتاب الذي اتفق عليه جمهورهم- وهو كتاب ((المجسطي)) لبطليموس (١) – فيه قضايا كثيرة لا يقوم عليها دليل صحيح، وفيه قضايا ينازعه غيره فيها، وفيه قضايا مبنية على أرصاد منقولة عن غيره تقبل الغلط والكذب.

وكذلك كلامهم في الطبيعيات في الجسم، وهل هو مركب من المادة والصورة، أو الأجزاء التي لا تنقسم، أو ليس بمركب لا من هذا ولا من هذا؟.


(١) بطليموس القلوذي العالم المشهور صاحب كتاب المججسطي في الفلك إمام في الرياضة، كان في أيام اندرياسيوس وفي أيام أنطمبوس من ملوك الروم وبعد أيرقس بمائتين وثمانين سنة. فأما كتاب المجسطي فهو ثلاث عشرة مقالة. وأول من عني بتفسيره وإخراجه إلى العربية يحيى بن خالد بن برمك.
... انظر عنه: تاريخ الحكماء ص ٩٥-٩٨، طبقات الأطباء ص ٣٥-٣٨؛ الفهرست لابن النديم، ص٢٦٧-٢٦٨؛ خطط المقريزي ١/١٥٤. وانظر منهاج السنة ١/١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>