للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثامن عشر: أن يقال: إن أهل العناية بعلم الرسول، العالمين بالقرآن، وتفسير الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والصحابة والتابعين لهم بإحسان، والعالمين بأخبار الرسول والصحابة والتابعين لهم بإحسان، عندهم من العلوم الضرورية بمقاصد الرسول ومراده ما لا يمكنهم دفعه عن قلوبهم، ولهذا كانوا كلهم متفقين على ذلك من غير تواطؤ ولا تشاعر، كما اتفق أهل الإسلام على نقل حروف القرآن، ونقل الصلوات الخمس والقبلة، وصيام شهر رمضان. وإذا كانوا قد نقلوا مقاصده ومراده عنه بالتواتر، كان ذلك كنقلهم حروفه وألفاظه بالتواتر.

ومعلوم أن النقل المتواتر يفيد العلم اليقيني، سواء كان التواتر لفظياً أو معنوياً، كتواتر شجاعة خالد وشعر حسّان، وتحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفقه الأئمة الأربعة، وعدل العمرين، ومغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - مع المشركين وقتاله أهل الكتاب، وعدل كسرى، وطب جالينوس، ونحو سيبويه. يبين هذا أن أهل العلم والإيمان يعلمون من مراد الله ورسوله بكلامه أعظم مما يعلمه الأطباء من كلام جالينوس، والنحاة من كلام سيبويه، فإذا كان من ادعى في كلام سيبويه وجالينوس ونحوهما ما يخالف ما عليه أهل العلم بالطب والنحو الحساب من كلامهم كان قوله معلوم البطلان، فمن ادعى في كلام الله ورسوله خلاف ما عليه أهل الإيمان كان قوله أظهر بطلاناً وفساداً، لأن هذا معصوم محفوظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>