للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتاب الله نوعان: خبر وأمر، كما تقدم. أما الخبر فلا يجوز أن يتناقض، ولكن قد يُفسر أحد الخبرين الآخر ويبيّن معناه. وأما الأمر فيدخله النسخ، ولا ينسخ ما أنزل الله إلا بما أنزله الله، فمن أراد أن ينسخ شرع الله، الذي أنزله، برأيه وهواه كان ملحداً، وكذلك من دفع خبر الله برأيه ونظره كان ملحداً.

الوجه الخامس والعشرون: وهو أن يقال: إن الله سبحانه ذم من ذمه من أهل الكفر على أنهم يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا.

كما قال تعالى: (قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون. قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهداء وما الله بغافلٍ عما تعملون) وقال تعالى: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجاً واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم) الآية. وقال: (ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً) وقال: (وويل للكافرين من عذاب شديد. الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله) ومعلوم أن سبيل الله هو ما بعث به رسله مما أمر به وأخبر عنه، فمن نهى الناس نهياً مجرداً عن تصديق رسل الله وطاعتهم، فقد صدهم عن سبيل الله، فكيف إذا نهاهم عن التصديق بما أخبرت به الرسل، وبين أن العقل يناقض ذلك، وأنه يجب تقديمه على ما أخبرت به الرسل؟!.

ومعلوم أن من زعم أن العقل الصريح الذي يجب اتباعه، يناقض ما جاء به الرسل، وذلك هو سبيل الله، فقد بغى سبيل الله عوجاً، أي طلب لها العوج، فإنه طلب أن يبين اعوجاج ذلك وميله عن الحق، وأن تلك السبيل الشرعية السمعية المروية عن الأنبياء عوجا لا مستقيمة، وأن المستقيم هو السبيل التي ابتدعها من خالف سبيل الأنبياء. ويوضح هذا:

<<  <  ج: ص:  >  >>