للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والزخرف هو الكلام المزين، كما يزين الشيء بالزخرف، وهو المذهب، وذلك غرور لأنه يغر المستمع، والشبهات المعارضة لما جاءت به الرسل هي كلام مزخرف يغر المستمع.

(ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة) فهؤلاء المعارضون لما جاءت به الرسل تصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، كما رأيناه وجربناه. ثم قال: (أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً) وهذا يبين أن الحكم بين الناس هو الله تعالى بما أنزله من الكتاب المفصل. كما قال تعالى في الآية الأخرى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) وقال تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) ، وقوله تعالى: (وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً) جملة في موضع الحال. وقوله: (أفغير الله أبتغي حكماً) استفهام إنكار، يقول: كيف أطلب حكماً غير الله، وقد أنزل كتاباً مفصلاً يحكم بيننا؟

وقوله: (مفصلاً) يبين أن الكتاب الحاكم مفصل مبين، بخلاف ما يزعمه من يعارضه بآراء الرجال، ويقول: إنه لا يفهم معناه، ولا يدل على مورد النزاع، فيجعله: إما مجملاً لا ظاهر له، أو مُؤوّلاً لا يعلم معناه، ولا دليل يدل على عين المعنى المراد به.

ولهذا كان المعرضون عن النصوص، المعارضون لها، كالمتفقين على أنه لا يعلم عين المراد به، وإنما غايتهم أن يذكروا احتمالات كثيرة، ويقولون: يجوز أن يكون المراد واحداً منها. ولهذا أمسك من أمسك منهم عن التأويل، لعدم العلم بعين المراد.

فعلى التقديرين لا يكون عندهم الكتاب الحاكم مفصّلاً، بل مجملاً ملتبساً أو مؤوّلاً بتأويل لا دليل على إرادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>