للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون. وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون. أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون. ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون. فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) .

فذمَّ المحرِّفين له، والأميين الذين لا يعلمونه إلا أمانيّ، والذين يكذبون فيقولون لما يكتبونه هو من عند الله، وما هو من عند الله، كما ذم الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب، وقد ذمّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب في غير هذا الموضع.

وهذه الأنواع الأربعة موجودة في الذين يعرضون عن كتاب الله ويعارضونه بآرائهم وأهوائهم، فإنهم تارة يكتمون الأحاديث المخالفة لأقوالهم، ومنهم طوائف يضعون أحاديث نبوية توافق بدعهم، كالحديث الذي تحتج به الفلاسفة: أول ما خلق الله العقل.

والحديث الذي يحتجون به في نفي الرؤية: لا ينبغي لأحد أن يرى الله في الدنيا ولا في الآخرة.

والحديث الذي يحتجون به في نفس العلو، كالحديث الذي رواه ابن عساكر فيما أملاه في نفي الجهة عن شيخه ابن عبد الله العوسجي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الذي أَيَّنَ الأين فلا يقال له: أين)) ، وعارض به حديث ابن إسحاق الذي رواه أبو داود وغيره، الذي قال فيه: ((يستشفع بك على الله ويستشفع بالله عليك)) ، وأكثر فيه في القدح في ابن إسحاق، مع احتجاجه بحديث أجمع العلماء على أنه من أكذب الحديث، وغاية ما قالوا فيه: إنه غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>