الوجه الحادي والخمسون: أنه إذا قدر تعارض العقل والكتاب فرد العقل الذي لم تضمن لنا عصمته إلى الكتاب المعلوم العصمة هو الواجب.
الوجه الثاني والخمسون: أن طالب الهدى في غير القرآن والسنة. قد شهد الله ورسوله له الضلال، فكيف يكون عقل الذي قد أضله الله مقدماً على كتاب الله وسنة رسوله؟ قال تعالى في أرباب العقول التي عارضوا بها وحيه:(أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) . وقال:(وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) .
وقال فيمن قدم عقله على ما جاء به:(إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جآءهم من ربهم الهدى) ، والقرآن مملوء بوصف من قدم عقله على ما جاء به بالضلال.
وروى الترمذي، وغيره من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((إنها ستكون فتنة)) قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال:((كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبارٍ قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: (إنا سمعنا قرآناً عجباً. يهدي إلى الرشد) من قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعي إليه هدي إلى صراط مستقيم)) .
الوجه الثالث والخمسون: أن أصحاب القرآن والإيمان قد شهد الله لهم، وكفى به شهيداً بالعلم واليقين والهدى، وأنهم على بصيرة وبينة من ربهم، وأنهم هم أولو العقل والألباب والبصائر، وأن لهم نوراً على نور؛ وأنهم المهتدون المفلحون.