للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِرَارًا مِنْهُ, وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضِ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ} (١) .

وَتَذَاكَرَ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم- أَمْرَ الَّذِي يَشُكُّ فِي صَلَاتِهِ, فَلَمْ يَكُنْ قَدْ بَلَغَتْهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ, حَتَّى قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أنَّهُ يَطْرَحُ الشَّكَّ, وَيَبْنِي عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ} (٢) .

وَكَانَ مَرَّةً فِي السَّفَرِ, فَهَاجَتْ رِيحٌ فَجَعَلَ يَقُولُ: {مَنْ يُحَدِّثُنَا عَنْ الرِّيحِ؟} قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَلَغَنِي وَأَنَا فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ, فَحَثَثْت رَاحِلَتِي حَتَّى أَدْرَكْته, فَحَدَّثْته بِمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ (٣) .

فَهَذِهِ مَوَاضِعُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهَا عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حَتَّى بَلَّغَهُ إيَّاهَا مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ, وَمَوَاضِعُ أُخَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ مَا فِيهَا مِنْ السُّنَّةِ فَقَضَى فِيهَا أَوْ أَفْتَى فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ.


(١) رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، ولكن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأما رواية عبد الرحمن بن عوف، فرواها أحمد، والترمذي، وابن ماجة ولفظه (إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر، أو واحدة صلى، أم اثنين، فليجعلهما واحدة،....) وليس فيها أن يطرح الشك ويبني على ما استيقن، كما ذكر المؤلف رحمه الله.
(٣) وهو ما روى مسلم في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به) . =

<<  <   >  >>