للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا كَانَ لَازِمًا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ, بَقِيَ الْحَدِيثُ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ, فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ.

بَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَئِمَّةِ صَرَّحُوا بِأَنَّ فَاعِلَ الصُّورَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مَلْعُونٌ, مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ تَزَوَّجَهَا لِيَحِلَّهَا, وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَلَا زَوْجُهَا؟ فَقَالَ: هَذَا سِفَاحٌ, وَلَيْسَ بِنِكَاحِ {لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ} . وَهَذَا مَحْفُوظٌ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ؛ وَعَنْ غَيْرِهِ؛ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: {إذَا أَرَادَ الْإِحْلَالَ فَهُوَ مُحَلِّلٌ, وَهُوَ مَلْعُونٌ} وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ فِي الْخَمْرِ وَالرِّبَا وَغَيْرِهِمَا.

فَإِنْ كَانَتْ اللَّعْنَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْوَعِيدِ الَّذِي جَاءَ, لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا مَحَلَّ الْوِفَاقِ, فَيَكُونُ هَؤُلَاءِ قَدْ لَعَنُوا مَنْ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ؛ فَيَسْتَحِقُّونَ مِنْ الْوَعِيدِ الَّذِي جَاءَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ. مِثْلَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَعْنُ الْمُسْلِمِ كَقَتْلِه} (١) وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: {سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ؛ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ


(١) متفق عليه من حديث ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه بلفظ: (لعن المؤمن كقتله) وهو جزء من حديث طويل.

<<  <   >  >>