للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُرَتِّبْ عَلَى ذَلِكَ حُكْمَ آكِلِ الرِّبَا مِنْ التَّفْسِيقِ وَاللَّعْنِ وَالتَّغْلِيظِ, لِعَدَمِ عِلْمِهِ بمكانه بِالتَّحْرِيمِ.

وَكَذَلِكَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم- لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (١) : مَعْنَاهُ الْحِبَالُ الْبِيضُ وَالسُّودُ, فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَجْعَلُ عِقَالَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ, وَيَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ له أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيٍّ: {إنَّ وِسَادَكَ إذًا لَعَرِيضٌ, إنَّمَا هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ} (٢) .

فَأَشَارَ إلَى عَدَمِ فِقْهِهِ لِمَعْنَى الْكَلَامِ, وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ ذَمَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ, وَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ.

بِخِلَافِ الَّذِينَ أَفْتَوْا الْمَشْجُوجَ فِي الْبَرْدِ بِوُجُوبِ الْغَسْلِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: {قَتَلُوهُ, قَتَلَهُمْ اللَّهُ, هَلَّا سَأَلُوا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا؟ إنَّمَا شِفَاءُ الْعَيِّ السُّؤَالُ} (٣) .


= الخدري قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (من أين هذا؟) قال: كان عندنا تمر رديء، فبعت منه صاعين بصاع، فقال: (أوَّه، عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به) .
(١) سورة البقرة الآية ١٨٧
(٢) متفق عليه من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه، وقد تقدم.
(٣) رواه أبو داود من حديث الزبير بن خريق عن عطاء عن جابر قال: =

<<  <   >  >>